إشكالية الملتقى
يعتبر موضوع البيئة والعمران من المواضيع التي أصبحت محل اهتمام المنظومة القانونية العالمية، حيث خصت بتشريعات دولية كثيرة كان لها انعكاس على سياسات وقوانين كثير من دول العالم.
وقد ظهر هذا الاهتمام بشكل أكبر من خلال عدد من المؤتمرات الدولية العالمية، أهمها مؤتمر "ريو ديجانيرو" ومؤتمر "جوهانسبورغ"، اللذين شكلا نقطة تحول كبرى في إطار الاهتمام بالبيئة والعمران، وهذا بالرغم من العراقيل الكثيرة التي مارستها الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
ونشير إلى أن هذه التشريعات كان لها صدى على مستوى الدول النامية عموما، وعلى مستوى الدول المغاربية خصوصا، هاته الأخيرة التي حاولت أن تأقلم تشريعاتها مع المنظومة القانونية العالمية، وتسعى إلى إنشاء واستحداث مؤسسات مركزية ومحلية للحفاظ على البيئة، وتحقيق تهيئة عمرانية متميزة تحقق التقدم المرجو، وتدفع نحو تحقيق الهدف الأسمى وهو التنمية المستدامة.
ولأن التلازم الذي يجمع بين البيئة والعمران، هو تلازم كوني طبيعي بحكم أن العمران هو بنية مادية لابد لها أن تشغل حيزا من الوجود، فهو يستقر على الأرض فيلامس تربتها، ويتشكل في الفضاء فيلامس هواءه، فإن هذا يعني في كل الأحوال، أن هناك تصادما بين العمران وبين عنصر من عناصر البيئة، وتفسير هذه الظاهرة قانونا هو أن هذا التصادم مرده إلى تصادم حقين مقدسين هما:
الأول: حق الإنسان في تلبية مختلف حاجاته من العمران (سكنية، فلاحية، زراعية، صناعية...)، وهو حق متفرع أيضا عن حق الملكية العقارية، وما تخول صاحبها من سلطات (استغلال، استعمال، تصرف) بالوجه الذي يحقق مصالحه.
الثاني: حق الإنسان في بيئة سليمة، لا يفسدها عمران مشوه، أو مباني صناعية، أو مباني معدة على خلاف التصنيف التقني للأراضي الذي يجب أن تشتغل بحسبه، وهو حق مؤصل في كل المواثيق الدولية والدساتير الوطنية.
وإن كان الأمر كذلك، فمن الضروري أن تتدخل التشريعات البيئية والعمرانية لتضمن توازنا حقيقيا يكفل ممارسة الحقين دون تأثير لأحدهما على الآخر.